صورة كيفية استخراج واستنباط الحكم الشرعي الإسلامي
هناك أسلوبان لاستنباط الحكم الشَّرعي، الأُسلوب الأوّل: نحصلُ على دليل سواء من القرآن أو السُّنّة أو أي مصدر من مصادرِ التشريع ، وهذا الدليل يكشفُ لنا عن الحكم الشرعي ونوعه. فقد يكونُ واجباً بمعنى وجود المصلحة الملزمة للمكلّف كوجوب الصوم، وقد يكونُ محرّماً بمعنى وجود مفسدة ملزمة للمكلّف، كحرمة شرب الخمر، وقد يكونُ مستحبّاً بمعنى وجود مصلحة غير ملزمة كصلاة الليل، وقد يكون مكروهاً بمعنى وجود مفسدة غير ملزمة، كالأكل على جنب، وقد يكون مباحاً، للمكلفِ الخيار فيه، كشرب الماء.
وهذا الحكم يُسمى حكماً شرعيّاً تكليفيّاً، وهو موجه بشكل مباشر لأفعال الإنسان، مقابل الحكم الشرعي الوضعي الّذي لا يكون موجّهاً بشكل مباشر للإنسان في أفعاله وسلوكه، من قبيل وجوب النفقة، فهو حكم شرعي وضعي، فبعد أن تُصبحَ المرأة زوجةً للرجلِ تُلزم بواجباتها الزوجية، وكذلك يُلزم الرجل بوجوب النفقة وغيرها، وهذا ما يُسمى بالحكم الشرعيّ الوضعيّ، وهناك حكم شرعيّ واقعيّ وظاهريّ، فنحن لسنا بصددِ التعرض والتقسيم للحكم الشرعي، بل نحن نعرّف الأسلوب أو الطريقة الأُولى الّتي تتم بها عملية الاستنباط، فهي مع وجود الدليل، فيكون الحكم موجوداً على أساس الدليل، ويُسمّى بالدليل المحرز أو الدليل الّذي يُحرز به ليعرف الحكم الشرعي.
والأُسلوب الثاني: إذا لم نحرز دليلاً شرعياً يكشفُ لنا عن الحكم، فلابدّ من أصلٍ أو قاعدة تبيّن لنا تكليفنا تجاه هذا وهذه الواقعة المجهول حكمها. وهذه القاعدة تُسمّى بالأُصولِ العملية الّتي لا تُعدُّ دليلاً محرزاً، بل هي تحدّدُ الوظيفة العلمية تجاه الحكم المجهول.
الفقيه يمارسُ استنباط الحكم الشرعي بأُسلوبين:
الأوّل: استنباط الحكم القائم على أساسِ دليل محرز للواقع.
الثاني: استنباط الحكم القائم على أساسِ تحديد وظيفة عملية.
وفي كلا الأُسلوبين يكونُ الحكمُ ناتجاً عن دليل، بيد أنّ الدليل بالأُسلوب الأوّل يكونُ فيه كشف عن الواقعِ، أو درجة كبيرة من الكشف، كالأمارات مثلاً، لذا يُسمّى بالدليل المحرز.
والأُسلوب الثاني يكونُ الحكمُ فهي ناتجاً عن دليل كذلك، لكنه يختلفُ عن الأوّل بأنّه لا كاشفية له، بل هو يحدّدُ الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك من دونِ إحرازِ أو كشفٍ، ويُسمّى بالأصلِ العملي. كأصالة البراءة.
|