العلامة السيد محمد علي الحسيني رسالة شهر رمضان
رسالة شهر رمضان
الحسيني: أتوجه الى کافة الدول المعنية و الاطراف و الفصائل و الاحزاب و الطوائف و القيادات في العراق و سوريا و أسألهم و أطلب منهم بحق وحرمة هذا الشهر المبارك أن يضعوا حدا لحمامات الدماء التي تسيل " ارحموا من في الارض يرحمکم من في السماء."
بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رمضان الذي أنزل فيه ال قرآن هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان فمن شهد منکم الشهر فليصمه و من کان مريضا او على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بکم اليسر و لايريد بکم العسر.
يطل علينا أکرم الشهور و أفضلها، شهر الطاعة و الغفران، شهر رمضان المبارك بأريجه الروحاني العبق الذي لايتنسمه إلا من إلتزم و آمن عمل صالحا و أعطاه کامل حقه.
هذا الشهر الفضيل الذي تغل فيه الشياطين و تفتح أبواب الرحمة الالهية على مصاريعها للثقلين کي يعودوا الى بارئهم و خالقهم و ينظفوا أرواحهم و نفوسهم قبل أجسادهم مما علق بها من أدران و حطام الدنيا الزائلة. شهر رمضان الذي يمنح فيه الله عزوجل مرة أخرى فرصة أخرى لمن إنحرف عن طريق الحق و الصواب و سار في درب الباطل و الضلال، وان هذه الدعوة الالهية الکريمة في هذا الشهر الفضيل المبارك الذي أنزل فيه القرآن الکريم، هي دعوة للخلاص و النجاة من وساخة و شوائب الحياة الدنيا و تهذيب النفوس و تأديبها کي تصبح جديرة بالحياة الابدية في الدار الاخرى، دار الحق و البقاء السرمدي.
شهر رمضان الذي يطل علينا برحمته و برکته و عالي قدره، هو شهر يدعونا فيه خالقنا و بارئنا الى ضيافته و الى التدبر في کلامه المجيد کي تنفتح قلوبنا و بصائرنا على حقائق الامور و اسرارها حتى نزداد إيمانا و يقينا بعظمة هذا الرب الرحيم الذي يکرمنا بجوده الذي لاينتهي کل عام کي نعود الى رحابه و نخيب ظن الشيطان الرجيم الذي يسعى بکل ماأوتي من أجل حرفنا عن الطريق القويم و زعزعة إيماننا و يقيننا بديننا و برحمة ربنا التي لانهاية لها، وان المعنى الکبير الذي يجب علينا تعلمه من ربنا هو الرحمة، ذلك أن شهر رمضان هو شهر الرحمة و العتق من النار، ومثلما يرحمنا الله و يغدق علينا من کرمه و جوده الذي لانهاية له، فإن الواجب علينا أن نتخلق بأخلاق الله سبحانه و تعالى و نکون عند حسن ظن نبينا و شفيعنا ليوم الحساب عليه الصلاة و السلام و الذي يقول:"أدبني ربي فأحسن تأديبي"، فيوصينا"ص" بقوله في حديث شريف آخر:"ارحموا من في الارض يرحمکم من في السماء."، ومن معاني الرحمة هنا هو إرشاد الآخرين الى الخير بتعليمهم أمور الدين و أحکامه و التي هي الطريق لإنقاذهم من النار و بالتالي من خسارة الحياة الابدية، وان الرسول الاکرم"ص" عندما يقول:"المسلم النصيحة"، فإن على کل واحد منا في هذا الشهر المبارك و الفضيل أن يکون نعم الناصح لأخيه رغم أن على کل واحد منا أن يبدأ بنفسه عملا بالحديث الشريف:"الکيس من دان نفسه"، وان تهذيب النفس و تأديبها و ترويضها يمنح القدرة و الامکانية الکافية و اللازمة للإنسان کي يکون في مستوى النصيحة و توجيه الآخرين لما فيه الخير و الصلاح.
شهر رمضان المبارك هذا ونحن ندخل في رحابه و ننهل من مناهل رحمته و برکته، فإن علينا جميعا أن نتذکر مايمر به أخواننا في الدم و الدين في العراق و سوريا من مآس و محن و مصائب، علينا أن لاننسى نزيف الدم العربي الذي يسيل منذ أعوام في هذين البلدين، علينا أن لاننسى کم من الاطفال تيتموا وکم من النساء ترملن او ثکلن بأحبائهن و قرة أعينهن، علينا أن نتذکر ونحن نفترش السفرة الرمضانية المبارکة إستعدادا للإفطار أخواننا و أخواتنا في العراق وسوريا وهم يعيشون عراة جياع في خوف و توجس و قلق، علينا أن نضع نصب أعيننا هذه المأساة الفظيعة التي مازالت مستمرة في هذين البلدين العربيين، واننا من موقعنا الإسلامي نحث الجميع على التضرع بالدعاء خلال هذا الشهر المبارك کي يمن الله تعالى بالرحمة على الشعبين العراقي و السوري و ينهي محنتهما التي طالت کثيرا وانني أتوجه الى کافة الدول المعنية بمحنة هذين البلدين والى کافة الاطراف و الفصائل و الاحزاب و الطوائف و القيادات في العراق و سوريا و أسألهم و أطلب منهم بحق هذا الشهر المبارك أن يضعوا حدا لحمامات الدماء التي تسيل من الشعبين وليس هناك من مستفيد إلا أعداء أمتنا و المتربصين شرا بها.
الخير کل الخير في من فکر بأن يکون مبادرا بالخير، و الفلاح کل الفلاح لم إستجاب لدعوة الخير الموجهة إليه من أخيه، واننا نسأل جميع اخواننا في العراق و سوريا بحق و برکة هذا الشهر المبارك ان يجعلوا من رمضان هذه السنة رمضان الخير و البرکة و يرحموا بعضهم بعضا کي ترحمهم ملائکة السماء و کي يفوزوا بعفو العلي القدير، واننا نرى أن الامل مازال قائما و ان هناك أکثر من طريق او سبيل لنزع فتيل الفتنة و المأساة و الکارثة التي يدور رحاها في هذين البلدين، ومن الخطأ الکبير جدا أن ييأس او يتشائم البعض من أي جهد بهذا الاتجاه لأن اليأس و القنوط قد خلق أساسا لمن قد خرج من دائرة الرحمة الالهية کما هو الحال مع الشيطان الرجيم، ولهذا فإننا و عملا بقول رسولنا الاکرم"ص":"تفاؤلوا بالخير تجدوه"، ندعو الجميع لکي يبذلوا مابوسعهم من أجل إنهاء محنة الشعبين و يدخلوا الفرحة و الامل في القلوب و النفوس و يعيدوا الثقة بالنفوس، وقل أعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المؤمنون.
العبد لله..محمّد عليّ الحُسينيّ.
لبنان /بيروت
30 شعبان 28 7 2014