العلامة الحسيني يدعو خطباء المنبر العاشورائي:التركيز على البعد الديني والتاريخي والحضاري والوجودي لاستشهاد الإمام الحسين{ع}
العلامة الحسيني يدعو خطباء المنبر العاشورائي:
يجب التركيز في قراءة مجالس العزاء والخطب على البعد الديني والتاريخي والحضاري والوجودي لاستشهاد الإمام الحسين (ع)، الذي أطلق ثورته دفاعا عن الإسلام
وجه سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني -حفظه الله- رسالة توجيهية وإرشادية لخطباء المنبر الحسيني ردا على أسئلة واستفسارات وردته من لبنان والدول العربية عن خير السبل لإحياء ليالي عاشوراء وذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع).
وجاء في الرسالة:
أولا: من الناحية الإيمانية، يجب التركيز في قراءة مجالس العزاء والخطب على البعد الديني لاستشهاد الإمام الحسين (ع)، الذي أطلق ثورته دفاعا عن الإسلام، دين التوحيد، بعدما مزقت الخلافات السياسية الأمة الإسلامية.
ثانيا: في البعد التاريخي، يجب التشديد على أن الإمام الحسين (ع) لم يطلب لنفسه أو لعائلته، ما لا حق له فيه، إنما انطلق في ثورته لإعادة الاعتبار إلى خلافة جده رسول الله (ص).
ثالثا: في البعد الوجودي لعاشوراء يجب توضيح وشرح معنى انتصار الدم على السيف، وهو مفهوم أوجده الإمام الحسين ( ع )، لأول مرة في التاريخ. وعلى الرغم من وجود أحداث بطولية كثيرة في التاريخ؛ حيث ضحى أفراد بأرواحهم في سبيل عقائدهم، إلا أن تميز ملحمة عاشوراء يعود لأسباب عدة أبرزها: أن المضحي هنا ليس شخصا عاديا، جاهد في ظروف عادية، بل هو امتداد للرسول الأعظم وخاتم الأنبياء (ص)؛ بحيث أن رسالة الإسلام كانت على المحك، وأراد الله عز وجل أن يكون المدافع عنها، سليل عائلة اصطفاها الخالق وميزها عن سائر خلقه.
رابعا: في البعد الملحمي، ينبغي لفت الانتباه إلى أن تضحية وبطولة الإمام الحسين (ع) لم تكن شخصية، وإنما شكّل وجود أهل بيته معه على أرض كربلاء درسًا في التضحية تعلمته الإنسانية جمعاء؛ إذ ندر في التاريخ وجود قائد يزج بكل ما لديه في معركة الدفاع عن قناعاته، لا بل إن القادة والملوك والأباطرة كانوا ينأون بأنفسهم وعائلاتهم عن المواجهة المباشرة.
خامسا: في البعد الأخلاقي، يجدر التوقف مليا عند درس نصرة المظلوم الذي تقدمه لنا ثورة كربلاء، ورفع الظلم، ومساندة من يتعرض لجوره، وهو واجب أخلاقي تحدثت عنه الأديان والفلسفات والعقائد، واعتمدته شعوب عديدة في دساتيرها.
سادسا: في الجانب الرسالي لعاشوراء، ينبغي فهم رسالة الثورة الحسينية لنتمكن من شرحها للناس، فالإمام الحسين (ع) كان حاملا لرسالة جده رسول الله ( ص )، وعاملا للوحدة، لذا كانت دعوته لجميع المسلمين، وليس لفئة دون فئة، وهو بالتالي لا يخص مذهبا إسلاميا دون آخر، وإذا عمل البعض على تخصيصه بمذهب أو فئة، فإنه بذلك يحجمه ويبطل دعوته التوحيدية.
سابعا: في البعد الحضاري يجب إفهام الناس أن الثورة الحسينية ليست دعوة للقتل أو الثأر، كما أنها ليست دعوة لليأس والألم، ما يدفع بعض الناس إلى إيذاء أنفسهم، وتعذيب جسدهم، اعتقادا منهم أنهم يتقربون من الإمام الحسين (ع). هذه الأعمال حرام من كل الوجوه الشرعية.
إن معنى "يا ليتنا كنا معكم لنفوز فوزا عظيما"، هي أمنية صادقة، ولكن غير قابلة التحقيق بالمعنى المادي. والوسيلة الوحيدة لنكون معنويا مع الإمام الحسين (ع) هي بالتشبه بسلوكه، وهو سلوك إسلامي يعمل للحياة الدنيا، كمرحلة انتقالية للحياة الآخرة؛ أي السعي إلى إقامة حكم الإسلام على الأرض والعيش في ظلاله؛ اي إنها دعوة للحياة وليس للموت عبثا. أما الجهاد والشهادة فلهما توقيتهما وأصولهما.
وختم العلامة الحسيني رسالته بالتأكيد على أن تسييس ذكرى عاشوراء بالمعنى الحزبي الضيق غير جائز شرعا. وإذا كان الواحب يقتضي الاستفادة من المناسبة لتحقيق أهداف سياسية إسلامية وِحْدَوية على مستوى الأمة، من خلال دعوة المسلمين من جميع المذاهب للمشاركة فيها.